بعد قرار أبو مازن تأجيل الإنتخابات التشريعية د/ أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني في حوار خاص
– عدم مشاركة سكان القدس في الإنتخابات يعد تفريطا وتنازلا مجانيا للاحتلال عن القدس وقبولا بنتائج صفقة القرن .
– نسعى جاهدين لتشكيل حكومة وفاق وطني بمشاركة حماس والقوى التي ترغب في المشاركة .
آثار قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن بتأجيل الإنتخابات التشريعية بعد رفض إسرائيل مشاركة سكان القدس فيها حالة من الجدل على الساحة الفلسطينية فبينما اعتبرت السلطة الفلسطينية وحركة فتح أن عدم مشاركة سكان القدس خط أحمر لا يمكن تجاهله اعتبرت حركة حماس والفصائل الموالية لها أن تأجيل الإنتخابات سوف يزيد حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية ، ووسط الجدل الدائر أدلى د. احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات :-
الحوار الصحفي :-
ّ- ما هو ردكم على الانتقادات الموجهة من بعض الفصائل لقرار الرئيس أبو مازن بتأجيل الانتخابات بدعوى أن ذلك سوف يزيد من حدة الانقسام ؟
رغم قناعتنا بأن الانتخابات حق دستوري وديمقراطي لأبناء شعبنا الفلسطيني ، إلا أننا نرى أنّ المغامرة بإجراء الانتخابات دون القدس يعني تفريطاً وتنازلاً مجانياً للاحتلال عن القدس عاصمتنا المحتلة وقبولاً بنتائج صفقة القرن ، وهذا يضعنا أمام مسؤولية سياسية ووطنية ؛ أيهما نختار إجراء الانتخابات دون القدس وما يعنيه ذلك تنازل مجاني عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ، وتنازل عن العاصمة الأبدية لدولة فلسطين ، وبالتالي تقديمها على طبق من ذهب لدولة الاحتلال وأحزابها اليمينية العنصرية المتطرفة ، أم نتخذ قراراً شجاعاً بإرجاء الانتخابات لتظل القدس المحتلة عنوان النضال والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي وكل أدواته بالمنطقة.
الموقف واضح فان إرجاء الانتخابات العامة لا يلغي أو يضع حد لإنهاء الانقسام غير المسبوق ، بل يجب أن تتضافر كافة الجهود للحفاظ على المسار السياسي الذي بدء ثنائيا بين حركتي فتح وحماس واصبح شاملا بلقائي القاهرة شباط واذار الماضيين، لإنهاء الانقسام والشراكة السياسية من خلال الإسراع بتشكيل حكومة وفاق وطني تشارك فيها ” القوى الوطنية والإسلامية ” بإطار برنامج سياسي على اساس وثيقة الوفاق الوطني المقرة عام 1996 واتفاق اكتوبر عام 2017 لتأخذ على عاتقها توحيد كافة المؤسسات المدنية والأمنية بين شطري الوطن خلال فترة محددة بهدف إنهاء الانقسام وإزالة آثاره وتداعياته ، وإنّ ذلك يأتي انطلاقاً من مبدأ الشراكة الوطنية الجامعة وعلى أنّ تبدأ المشاورات لتشكيل ” حكومة الوفاق الوطني ” خلال مدة لا تتعدى الشهر من الآن ، وتكون من أولويات ” حكومة الوفاق الوطني ” وخلال شهرين من تشكيلها ، الدعوة لإجراء الانتخابات المحلية خلال فترة وجيزة كذلك إجراء الانتخابات للاتحادات النقابية والشعبية والطلابية خلال العام الجاري كمقدمة لإعادة ترتيب أوضاع الساحة الفلسطينية ككل .
آما عن الانتقادات وغيرها لموقف الرئيس إزاء تأجيل الانتخابات فنحن نحترم كافة الآراء والمواقف الموضوعية البعيدة عن التخوين والتكفير والتشهير ومحاولة التشويه والذي يفترض بنا العمل بكل جدية لتطوير شكل ومضمون الحوار الوطني الفلسطيني وتوحيد كل الجهود لطي صفحة الانقسام وهذا يتطلب إرادة حقيقية من قبل حركة حماس وعدم ربط الحوارات السابقة ومداراتها بتأجيل الانتخابات ، حيث خضع قرار التأجيل لمعطيات خطيرة وعلى رأسها موضوع القدس وهذا ما يجب أن تعيه حركة حماس وكافة القوى المعارضة للتأجيل ، حيث كنا أول من دعا للانتخابات كونها الوسيلة الوحيدة الممكنة لإنهاء الانقسام ولكن بتقديرنا أن قضية القدس قضية سياسية ويجب تعزيز معركتها الان وبشراكة وطنية باعتبارها معركة مصيرية لشعبنا .
مواقف وقلبها، وطبيعي جداً أن يكون هناك تباين في المواقف حول مختلف القضايا.
– ما هي الخطوات القادمة التي تنوون اتخاذها لمواجهة خطر انقسام الساحة الفلسطينية ؟
في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة سنعمل جاهدين لاستعادة مسار الحوار الوطني على الاسس المتقق عليها ، والتحرك نحو تشكيل حكومة توافق وطني بمشاركة حماس والقوى التي ترغب في المشاركة ليكون على جدول أعمالها توفير كافة الأجواء والمناخات لإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الوطنية ، وكذلك سنعمل باتجاه عقد المجلس المركزي الفلسطيني ليبحث بدوره كافة القضايا والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا على أن يشكل اجتماع المجلس المركزي محطة لمراجعة كافة أوضاعنا وانتخاب لجنة تنفيذية واستكمال تشكيل الدوائر في إطار اللجنة التنفيذية .
– في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وخاصة في القدس ، ما هي الخطوات التي تنوون اتخاذها لتوفير الحماية لهؤلاء المواطنين ؟
نؤكد على موقفنا الثابت بأن إجراء أي تغييرات في مدينة القدس وفي محيط المسجد الأقصى هو استمرار لحملة التهويد ، والتغيير الديمغرافي الذي تسعى دولة الاحتلال الفاشية لفرضه ، ونحن نراهن على شعبنا وعلى حركتنا الوطنية في التصدي لسياسات وإجراءات وممارسات الاحتلال ، ومن هنا فإننا نشيد بصمود أهلنا في مدينة القدس ، وثباتهم وإرادتهم ، وتضحياتهم التي تجسدت منذ اندلاع المواجهات الأخيرة بالدفاع عن المسجد الأقصى والمدينة المقدسة انتصرت على العدوان الإسرائيلي ، والمطلوب تعزيز هذا الصمود ودعم كافة الفعاليات المقدسية التي ضربت أروع الأمثلة في النضال والتصدي للاحتلال .
ومن المهم التأكيد أن إزالة الاحتلال لكافة الإجراءات التي وضعها في باب العامود بالعاصمة القدس انتصاراً لإرادة الشباب المقدسي المؤمن بعروبة وفلسطينية عاصمته ، والذي فرض إرادته بواقع جديد على الاحتلال.
ومن خلال منبركم أتوجه التحية لكافة أبناء المدينة الذين صمدوا ودافعوا عن القدس ، القدس التي تنتصر بوحدة وتماسك وصلابة أبناءها فهم رأس الحربة بالدفاع عن المقدسات ودحر إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي.
نطالب بمواقف عربية واسلامية ودولية واضحة وجريئة في التصدي لمخططات ومشاريع الاحتلال في القدس المحتلة وندعو الجامعة العربية للانتقال من موقع التنديد والاستنكار الى موقع الفعل الحقيقي لإجبار إسرائيل على وقف حماقاتها المخالفة لكافة القوانين والشرائع الدولية .
– هل ترى أن قيام حماس برشق المستوطنات الإسرائيلية بالصواريخ يحول الانتظار عن انتفاضة الفلسطينيين في القدس ؟
حق طبيعي لشعبنا وقوى شعبنا في مقاومة الاحتلال وعلينا أن نوحد جهودنا وبوصلتنا في إطار المرجعيات الوطنية واتخاذ القرار المناسب بأشكال النضال التي تنسجم والمرحلة التي تعيشها القضية الفلسطينية ، وفي هذا الإطار نرفض أي شكل من أشكال العمل الارتجالي وغير المتفق عليه وطنياً وان لا يقرر فصيل ما الشكل النضالي والكفاحي الذي يرتئيه بعيداً عن الإجماع الوطني .
وطبيعي بان لدى حماس تنظيم مسلح ولديها من الجاهزية لمثل هذا الخيار العسكري ولكن نرى على ضرورة التوافق وطنياً بين مختلف القوى والفصائل على الشكل النضالي المتاح وفي هذه المرحلة علينا تصعيد المقاومة الشعبية والميدانية بكافة أشكالها في مواجهة الاحتلال وتوسيع دائرة النضال الشعبي والجماهيري في مختلف المواقع وهناك نماذج مهمة للمقاومة الشعبية في عدة محافظات وفي القدس التي ينبغي تطويرها بزخم شعبي وإعلامي وسياسي .
وكما أكدنا مراراً فان تغليب شكل نضالي معين في مرحلة ما لا يعني إسقاط أشكال النضال الأخرى ولكن في إطار العمل المشترك والرؤية المشتركة والبرنامج المشترك وهذا لا يقرره فصيل ما هنا أو هناك ولوحده ، بل يحتاج لقرار وطني عام .
– ما هي رؤيتكم لموقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الأزمة ؟ وهل تلمسون موقف أكثر إيجابية لتلك الإدارة من الإدارة السابقة ؟
لم نراهن يوماً على الولايات المتحدة الأمريكية وإداراتها المتعاقبة التي أثبتت تاريخياً عدائها لقضيتنا وحقوقنا الوطنية الفلسطينية ودعمها وإسنادها لدولة الاحتلال ، وكافة المواقف الأمريكية منحازة لإسرائيل الدولة القائمة بقوة الاحتلال ، ونحن على قناعة تامة بعدم إحداث تغيير في المواقف الأمريكية بدون أن يكون هناك مواقف دولية وعربية داعمة لعدالة القضية الفلسطينية وتطوير عمل اللجنة الرباعية الدولية وتوسيعها وتحقيق الشراكة الدولية لرعاية العملية السياسية وإنهاء التفرد الأمريكي الذي ثبت فشله وانحيازه وشراكته للاحتلال.
المطلوب قبل كل شيء هو إعادة بناء العلاقات الفلسطينية الأمريكية ولكن على أسس ومرتكزات واضحة أساسها الاحترام المتبادل وبشرط ألّا تكون مرتبطة بالجانب الإسرائيلي ، حيث انحازت الإدارة الأمريكية دائماً لحكومات الاحتلال المتعاقبة ، ونحن ننتظر بأن تقوم إدارة بايدن برفع العقوبات والقرارات المجحفة التي اتخذتها إدارة ترامب في السابق سواء بما يخص منظمة التحرير الفلسطينيّة أو مسألة ضم القدس وكل القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومحاولات النيل من الحقوق الوطنية الفلسطينية التي أقرتها الشرعية الدولية من خلال قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ، وعلى إدارة الرئيس بايدن أن تراجع مواقفها وسياساتها الخارجية على كافة المستويات وبخاصة سياساتها في الشرق الأوسط ومواقفها المنحازة لإسرائيل وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني التي تحظى بإجماع دولي ، وأن تقرأ الأوضاع بصورةٍ مختلفة ارتباطًا بالتوازنات المختلفة الموجودة على الساحة الدوليّة ، ومن هنا جاء ترحيبنا بتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتزامه بحل الدولتين ، وهذه التصريحات تتطلب خطوات عملية ملموسة من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية مع م.ت.ف المثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وفتح ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن ، والاعتراف الصريح والواضح بأن القدس الشرقية جزء من أراضي دولة فلسطين المحتلة واعادة فتح القنصلية الامريكية فيها ،وجزء من الحل العادل والشامل بما فيه عودة اللاجئين إلى ديارهم طبقاً لقرار 194.
– في ظل الجهود التي تقوم بها كلا من مصر والأردن وأطراف أخرى لاستئناف عملية السلام ، هل تتوقعون أن تتمخض تلك الجهود عن عقد مؤتمر دولي للسلام وما هي فرص نجاحها ؟
هناك ضرورة لاستنهاض وتطوير الموقف العربي وإعادة الاعتبار للعمق العربي للقضية الفلسطينية والإسناد العربي الرسمي والشعبي لنضال وحقوق شعبنا الفلسطيني ، وهذا واجب الأمة العربية اتجاه قضيتهم المركزية .
نرحب بالجهود المصرية والأردنية الرامية لإعادة استئناف العملية السياسية والمفاوضات على قاعدة قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين وتمكين الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .
ونطالب الأشقاء العرب وخاصة في الأردن ومصر بدعم مبادرة الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام وحل القضية الفلسطينية على أساس القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ، ونعتقد أن توفر الإرادة الدولية والأطراف المتعددة سيشكل مدخل جدي لهذا الاتجاه وبخاصة وان الصين وهي دولة صديقة ستتولى رئاسة مجلس الأمن قريباً وكذلك وجود مبادرة صينية في هذا الإطار ، ونعتقد أن الفرصة سانحة لممارسة تحرك سياسي وجاد من قبل كافة الأطراف لإنهاء التفرد الأمريكي وانحياز الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإسرائيل والتي أفشلت دوماً الجهود الدولية والعربية .
– في النهاية في ظل تصاعد احتجاجات الشعب الفلسطيني ضد الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ، هل تتوقعون اندلاع انتفاضة جديدة ؟
المجتمع الدولي الذي لم يستطع حتى الآن إلزام الاحتلال بالمساح بإجراء الانتخابات بالقدس وفقا للبروتوكول الموقع عام 1995 والذي جرت بموجبه ثلاث انتخابات ١٩٩٦ وعام ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ باعتبار أنها جزء من الأراضي المحتلة ، إلى الكف عن سياسة الكيل بمكياليين والتحرك الفوري لحماية أبناء شعبنا في القدس من اعتداءات قطعان المستوطنين ، وتطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية المتعلقة بالقدس.
نحن نصر على التمسك بإجراء الانتخابات في القدس ، باعتبار أن القدس الشرقية هي أراضٍ فلسطينية محتلة ، مثل باقي الأراضي الفلسطينية الأخرى ، لذلك دون إجراء انتخابات في القدس ، لا يمكننا إجراء الانتخابات ، وأن مشاركة المقدسيين ترشيحا وتصويتا في القدس ليست قضية فنية بل هي قضية سياسية تتمثل برفضنا لضمها لإسرائيل وبتمسكنا باعتبارها عاصمة دولة فلسطين.
استمرار الصمت الدولي تجاه إرهاب الدولة المنظم من قبل قوات الاحتلال وبقرار سياسي وخصوصا في القدس ينذر بتفجير الأوضاع في كافة الأراضي الفلسطينية ، فلا أمن ولا سلام ولا استقرار بالمنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية .
شعبنا الفلسطيني سيواصل النضال وطريق الحرية في مواجهة الاحتلال والمقاومة الشعبية في تطور مستمر وهي مدعومة بحراك سياسي ودبلوماسي من القيادة الفلسطينية ، ومسألة اندلاع الانتفاضة ليست بحاجة لترتيبات فالانتفاضة الشعبية مندلعة أصلاً في القدس وفي كل مكان وعلى العالم أن يواجه الحقيقة ، حقيقة الشعب الفلسطيني المصر على نيل حريته واستقلاله وعودته وان ينتهي هذا الاحتلال وسينتهي حتماً بمقاومة وثبات صمود شعبنا تحت راية وحدته الوطنية .
حاوره/ مصطفى عمارة