أخيرًا وبعد طول ترقّب ومخاض عسير.. أبصر الاتحاد التونسي لكرة القــدم النور فى آخر النفق الذي طال مكوثه فيه، بعد ان كتبت له قيادة منتخبة برئاسة “الربّان الجديد” معز الناصري، الذي اكتسح الانتخابات بنسبة لافتة، على حساب قائمتي منافسيه محمود الهمامي وجلال تقية.
الناصري سيكون على موعد مع تحديات ورهانات من العيار الثقيل، لمساعدة الجماهير التونسية، على تناسي وتخطي إحباطات لا تُحصى ولا تُعدّ فى السنوات الماضية، ولا سيما فى آخر فترات الرئيس الأسبق وديع الجريء، أو حتى الفـترة الوجيزة التي تلته حتى الوصول إلى محطة لجنة التسوية التي رأسها السيد كمال إيدير.
مقعد الاتحاد التونسي لكرة القــدم قد يكون مغريًا لأي مسؤول رياضى فى البلاد، ولكن للإغراء ضريبته، خاصة فى الكره التونسية اليـوم، التي تحتاج لـ”سوبر مان” لفتح عديد الملفات المسكوت عنها ومحاربة المحيط المتعفّن، مع توفّر جسارة وشجاعة منقطعتي النظير، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وكرة أحفاد “الأسطورة” طارق ذياب إلى لاحق مكانتها.
رئيس الاتحاد التونسي الجديد وتحديات الظهور الرسمى الاول!
بعد انتخابه رسميًّا، يجد رئيس الاتحاد التونسي الجديد السيد معز الناصري نفسه داخل أولى التحديات التي تترقبه، وهي المشاركة فى كـأس امم أفريقيا المقبلة التي يستضيفها المغرب نهاية العام الحالي.
الناصري ونائيه حسين جنيّح، سيسافران إلى العاصمة المغربية الرباط، لحضور حفل قرعه “كان 2025″، الذي سيمثّل إحدى محطات “الضغط الحقيقي” والمقياس الاساسي لنجاح المكتب الجامعي الجديد، حيث سيكون مقابل حتمية الظهور بشكل يتجاوز إخفاقات الماضي، وتقديم صورة تليق بالكرة التونسية فى ضيافة بلد شقيق، سيمهّد كل السبل من أجل إنجاح الحدث القاري، وعليه فإنّ “العلل الواهية” المتعلقة بصعوبة اللعب فى جنوب القارة الأفريقية، لن تكون حاضرة هذه المرة.
وحتّى لا نرفع سقف الطموحات إلى مدى غير منطقي فى وجه الاتحاد التونسي الجديد، وحتى لا نغالط أيضًا الجماهير الرياضية، فإنّ المقصود بتجاوز الإخفاقات فى السنوات القليلة الماضية، ليس إحراز البطولة الذي غاب منذ 21 عامًا، وتحديدًا منذ عام 2004، وهو البطولة الوحيد الذي دخل خزائن “نسور قرطاج” على أراضيهم، وإنّما استعادة هيبة الكره التونسية ومقامها بين كبار القارة السمراء، من أثناء حضور له وزن فى المربع الذهبي، وذلك من أجل محو آثار المشاركة الكارثية الاخيرة على أراضي كوت ديفوار، اثناء غادرت المنافسة منذ الدور الاول بمهزلة كروية مكتملة الأركان، شكلًا ومضمونًا، لتكون الحصيلة نقطتين فقط، فى مجموعه متوسطة جدًّا “مقارنة بالكبار”، ضـمّت مالي وجنوب أفريقيا وناميبيا.
تحديات الاتحاد التونسي لكرة القــدم ومكتبه الجديد، لن تتلخّص فقط فى “الكان” القادمة، وإنما سيكون عليها قبل ذلك اعلن عملية التاهـل إلى كـأس العالم أمريكا 2026، للمرة السابعه فى تاريخها، وذلك لن يكون سهلًا، رغم تصدّر “النسور” لمجموعتهم الثامنة برصيـد 10 نقاط، وبفارق نقطتين فقط عن ناميبيا وثلاث عن ليبيريا وأربع عن مالاوي، معنى ذلك انّه لا مجال للراحة أو التراخي، مقابل منافسين قد لا يمتلكون إرث “الكبار”، لكنهم حتمًا غير عاجزين عن إحراج زملاء حمزة رفيعه ومفاجأتهم، وذلك من أثناء ست لقاءات حاسمة ستبدأ فى مارس/ آذار المقبل برحلة إلى مونروفيا من أجل منازلة ليبيريا صاحبة الأرض، وتنتهي فى أكتوبر/ تشرين الاول المقبل، باستقبال ناميبيا فى تونس.
لا شكّ انّ حلم بلوغ المونديال والسعي نحو البطولة القاري الثانى فى “الكان” هما الهدفان اللذان يتصدران واجهة العرض للكرة التونسية، غير انّ القتال من أجل تحقيق هذين الهدفين يتطلبان أسلحة عاجلة وأخرى آجلة، ويتمثل العاجل منها فى الإسراع باختيار مدير فني حديث لقيادة المنتخـب، نظرًا لعامل الوقت الذي “يخنق” الجميع، فى اثناء تعد القضايا الأقل قيمة من حيث الوقت وذات الأهمية البالغة فى المطلق، هي قطعًا الملفات المحلية، المتعلقة بمسابقة الدورى التونسي، ومشاكل الانديه الني تتخبط فى صعوبات السيولة المالية والمنع من الانتداب، علاوة طبعًا على واقع التحكيم، من دون التغافل عن غياب التكوين القاعدي فى شرائح الشبان على مستوى الانديه، وهو ما دفع منتخبـات الشبان لحالة من الغياب القسري أفريقيًّا ودوليًّا.
مقابل الاتحاد التونسي ملفات ساخنة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، تنتظر مكتب معز الناصري، وتتطلب المزيد من الجرأة والشجاعة والاعتداد بوسائل التنفيذ واقعًا، حتى يربح قدرًا من الصبر من جماهير الشارع الرياضي التونسي، التي تتوق لقلب الصفحة، وتبقى الشهور القادمة كفيلة بتقديم الإجابة بخصوص الآمال المعلّقة على المكتب الجامعي الجديد.