يعيش فالنسيا واحداً من أسوأ مواسمه منذ عدة عقود؛ إذ بات النادى الذي بلغ نهائي دورى الأبطال عامي 2000 و2001 وانتصر بثنائية الدورى وكاس الاتحاد الأوروبي (اليوروباليغ حالياً) عام 2004 مع المدرب الإسباني رافا بينيتيز مهددًا برقم سلبي لم يحدث منذ أربعة هبوط، فى ظل مواجهته لشبح الهبوط من الليغا للمرة الأولى منذ عام 1986.
فما الذي جرى بشكل خاطئ مع فريق الخفافيش، ولماذا دخل النادى الذي كان يعتبر من بين الأفضل فى إسبانيا وأوروبا فى حالة من السبات الطويل؟
مع نهاية العقد الاول من الألفية الجديدة بدأت تخبو قوة فريق فالنسيا، على الرغم من أنه كان لا يزال يضم عددًا من اللاعبــين المميزين على مستوى العالم مثل ديفيد فيا ودافيد سيلفا وخوان ماتا.
وحافظ فالنسيا الذي كان آخر فريق يحقق لقب الليغا قبل ان يهيمن عليه الريال وبرشلونة لعشر سنـوات كاملة، على قدرته فى احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى والمشاركة فى دورى الأبطال بشكل متواصل؛ لكن النادى يجد نفسه اليـوم فى منطقه الهبوط بعد تعادله الأخير مع أوساسونا (3-3) وذلك قبل 12 جوله من نهاية العام.
ومنذ العام 1930 لم يمضِ فريق الخفافيش أكثر من موسم واحد خارج الليغا، وذلك عندما هبط فى العام 1986، أي قبل حوالى أربعة عقود من الآن، ويعود ذلك إلى جملة من القرارات الإدارية التي تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية ما وصل إليه النادى هذه الأيام.
18 مدرباً فى عشر سنـوات
العام 2003 شكل عاماً استثنائياً فى كرة القــدم الإسبانية، فهو العام الذي شهد قدوم النجمين رونالدينيو وديفيد بيكهام إلى فريقى برشلونه وريال مدريد، وبينما كان فريق الخفافيش يعتمد على مزيج من لاعــبي إسبانيا والأرجنتين بشكل أساسي فى تشكيلته، فقد كان فوزه بالالقاب فى ذلك العام مفاجأة كبيرة، خاصةً أنه كان يتأخر عن الريال المتصدر بفارق ثماني نقاط فى شهر فبراير، قبل ان ينجح فى تجاوزه وانتزاع البطولة.
لكن مع توافد أبرز نجوم العالم إلى قطبي الليغا، وتراجع القدرة الشرائية لفالنسيا، خاصةً مع إقرار بناء ستاد ميستايا الجديد، أصبح احتلال المـركـز الثالث أو الرابع إنجازاً كبيراً فى بطوله الدورى الإسباني.
ورويدًا رويدًا وتحت ضغط الديون الكبيرة، اضطر فالنسيا إلى بيع أبرز لاعبيه، حتى أصبح يعتمد على لاعــبي الصف الثانى فى العقد الأخير الذي شهد تناوب 18 مدير فنيًا على تـدريــب النادى، فى اثناء جلس على كرسي الرئاسة خمسة أشخاص كان آخرهم كيات ليم ابن المالك الحالي للنادي بيتر ليم.
قبل ان يأتي (ليم الأب) إلى سدة الرئاسة تربع فالنسيا على عرش المـركـز الرابع كأكثر الانديه تحقيقًا للنقاط فى تاريخ الدورى الإسباني؛ لكنه الآن انخفاض إلى المـركـز الخامس بعد ان تجاوزه أتلتيك بيلباو.
ولعل إحدى القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها المالك السنغافوري إقالة المدرب مارسيلينيو غارسيا تورال الذي انتصر بلقب كـأس إسبانيا عام 2019 وحل رابعاً فى الليغا لموسمين متتاليين.
بعد عدة أشهر قام (ليم) بإقالة المدير التنفيذي ماتيو أليماني الذي وقع لاحقاً لفريق برشلونه، بينما تم الاتفاق مع الانجليزي غاري نيفيل عام 2015 الذي بقي فى منصبه لأربعة أشهر فقط، لتبدأ بعدها رحلة عدم الاستقرار فى الأجهزة الفنية.
اداره سيئة من فالنسيا لسوق الصفقات
كانت الإدارة السيئة لسوق انتقالات اللاعبــين أثناء العقد الأخير أحد الأسباب الرئيسية فى انخفاض نتائج فريق فالنسيا، فعلى الرغم من ان الميزان التجاري كان رابحاً بقيمة 39 مليون يورو، حيث انفق النادى 535 مليون يورو، بينما جمع من بيع لاعبيه 574 مليوناً، إلا ان المشكلة الأساسية تمثلت فى ان النادى باع بعضاً من افضل لاعبيه ومواهبه، مثل غونزالو غيديس، كارلوس سولير، فيران توريس، دون ان يتمكن من تعويضهم بالشكل الصحيح.
النادى حاول استعادة المسار الصحيح من أثناء الاعتماد على لاعــبي الأكاديمية وهو ما جعله يمتلك أصغر تشكيلة من حيث معدل الأعمار فى الليغا العام الفائت، وكذلك فى موسم 2021-2022، أمّا فى العام الحالي فتعد تشكيلة فريق الخفافيش ثالث أصغر تشكيلة فى العام.
وبالرغم من بعض الإنفاق والاستثمارات إلا ان نتائج فالنسيا لم تتناسب مع القيمة السوقية للاعبيه، حيث إنه يأتي المـركـز السادس على مستوى قيمة لاعبيه؛ ولكنه بالمقابل فى المـركـز 18 على اللائحة.
هل يكون كوبيران المنقذ؟
بعد إقالة اللاعب السابق للفريق روبن باراخا من منصبه فى ديسمبر الفائت، تحولت أنظار فالنسيا إلى مدير فني وست بروميتش وهيدرسفيلد السابق كارلوس كوربيران الذي وصل إلى النادى وهو متذيل للائحة الترتيب، بـ11 نقطة فقط من مبارياته الـ17 الأولى.
كان هناك تحسن تدريجي تحت قيادة المدرب البالغ من العمر 41 عاماً، حيث حصل فريق الخفافيش 3 انتصارات وتعادل فى ثلاث وخسر مثلها.. ليرتقي إلى المـركـز الثامن عشر، ومن أجل تعزيز فرصه فى تجنب الهبوط تعاقد النادى مع النيجيري عمر صادق إضافة إلى لاعــب الوسـط الإسباني إيفان خايمي من بورتو على سبيل الإعارة.
هبوط فالنسيا إلى الدرجة الثانية سيكون حدثاً كبيراً فى كرة القــدم الإسبانية فى نهاية العام، وسيعني ان النادى دفع أخيراً ثمن كل الأخطاء الإدارية والفنية المتعاقبة على مدار السنوات الاخيرة.