لم يعرف ليفربول طعم الخسارة من قبل بركلات الجزاء فى مـسابقـه دورى ابطال أوروبا، وذلك قبل ما فعله الإيطالي جانلويجي دوناروما حارس عرين باريس سان جيرمان ليلة أمس، بل إن “الريدز” اشتهر عبر التاريـخ بقدرة لاعبيه على المحافظة على رباطة جأشهم وأعصابهم، عندما تصل الأمور إلى هذا السيناريو حتى من أثناء الالقاب المحلية.
ولكن العريق الانجليزي واجه وللمرة الأولى جدارًا إيطاليًّا اسمه دوناروما، الذي بات متخصصًا فى كسر قلوب المشجعين الإنجليز على أرضهم، بعد ان فعلها مع منتخـب بلاده فى ستاد ويمبلي عام 2021، عندما حرم منتخـب الأسود الثلاثة من الفــوز بلقب اليورو للمرة الأولى فى التاريـخ، ومنح الآزوري لقبه القاري الاول منذ عام 1968.
الحارس الإيطالي المولود فى إحدى ضواحي مدينة نابولي والبالغ من العمر 26 عامًا، كان قد بدأ مسيرته فى سن مبكرة للغاية، وبرهن على قدرات كبيرة بفضل طوله الفارع ومهارته فى التصدى للكرات الصعبة، فترعرع فى أكاديمية ميلان، قبل ان ينتزع مكانه فى النادى الاول عن عمر 16 عامًا، وبعد عام واحد أصبح الحارس الاول لمنتخب تحت 21 عامًا، ليكون أصغر حارس إيطالي يقوم بحماية عرين الآزوري فى هذه الفئة العمرية.
عرض هذا المنشور على Instagram
تمت مشاركة منشور بواسطة UEFA Champions League (@championsleague)
ومضى دوناروما بخطوات سريعة نحو عالم النجومية، فاقتحم تشكيلة أكثر حراس المرمى ارتداءً لقميص الروسونيري فى موسمه الثالث فقط، وفي صيف العام 2021 فجر مفاجأة كبرى برحيله عن ميلان، ليغضب أنصار النادى الذين اتهموه بأنه يعشق المال ولا يمتلك بداخله أي انتماء للنادي الذي قدمه للعالم، وفي باريس سان جيرمان بدأ رحلة مميزة مع الالقاب، حيث انتصر معه ببطولة الدورى ثلاث مرات وكأس فرنسا مرة واحدة وكأس السوبر الفرنسي ثلاث مرات، كما نال جائزة افضل حارس مرمى فى العام مرتين.
دوناروما.. رحلة التألق والصدمة الإنجليزية الأولى
لم ينتظر “العملاق الإيطالي” اعتزال الأيقونة جانلويجي بوفون حتى يبدأ فى أخذ مكانه رويدًا رويدًا فى التشكيلة الإيطالية، فكانت البداية عام 2016 عندما ســاهم فى بداية الشوط الثانى من المباراه الودية ضد فرنسا بديلًا لبوفون نفسه، وفي 28 مارس/ آذار 2017 خاض أول مباراه له كأساسي مع الآزوري ضد هولندا، ليكون أصغر حارس مرمى فى تاريخ المنتخـب الإيطالي الاول عن عمر 18 عامًا و31 يـومًا.
لكن عدم تأهل المنتخـب الإيطالي إلى مونديال 2018 أجل من تألق الحارس الواعد على المستوى العالمي حتى العام 2021 من أثناء بطوله اليورو، فقاد إيطاليا إلى دور الـ16 بشباك نظيفة، قبل ان تهتز شباكه فى المباراه الرابعة مقابل النمسا فى الـدقيقـه 114 من زمن المباراه.
ولعب حارس البي.أس.جي دورًا أساسيًّا فى عبور منتخـب بلجيكا فى ربع النهائى، ومن ثم بدأت رحلته مع ركلات الجزاء فنجح فى التصدى لركلتي (أولمو وموراتا) فى نصف النهائى مقابل إسبانيا، قبل ان يقهر الإنجليز فى عقر دارهم فى ستاد ويمبلي بعد مباراه كبيرة، وقف فيها سدًّا منيعًا مقابل الهجمات الإنجليزية، رغم الهدف المبكر (فى الـدقيقـه الثانية) الذي تلقاه فى شباكه، حيث ساهم فى إبقاء النتيجة على حالها حتى استطاع بونوتشي من إدراك التعادل، وفي ركلات الجزاء وبعد ان أهدر راشفورد الركلة الترجيحية الثالثة، تصدى دوناروما لركلتي جادون سانشو وبوكايو ساكا ليهدي بلاده لقبًا قاريًّا طال انتظاره، ويكسر قلوب المشجعين الإنجليز الذين كانوا يمنون النفس بلقب دولي ثان بعد كـأس العالم 1966. وليحرز دوناروما جائزة افضل لاعــب فى البطولة، والتي منحت للمرة الأولى فى التاريـخ لحارس مرمى.
جماهير أنفيلد رود تتذوق المرارة
بعد أربع سنـوات تقريبًا من المشهد الختامي ليورو 2020، تصدرت صورة دوناروما مرة أخرى العناوين فى وسائل الإعلام الإنجليزية مجددًا، هذه المرة بعد ان لعب الحارس الإيطالي دورًا بارزًا فى قطع الماء والهواء عن لاعــبي ليفربول الذين تفننوا فى إهدار الفرص السهلة ولاسيما فى شوط المباراه الاول.
ومع انتهاء الدقائق الـ120، بدأ القلق يتسرب إلى قلوب انصار الريدز رغم امتلاكهم لحارس عملاق هو البرازيلي أليسون بيكر. وكانوا محقين فى قلقهم لأن صور (كارثة ويمبلي) لم تمحَ بعد من أذهان المزيد من المشجعين الإنجليز لفريق ليفربول، وبعد ان سجّل صلاح الركلة الأولى، نجح دوناروما فى التصدى للركلتين الثانية والثالثة اللتين سددهما كل من داروين نونيز وكورتيس جونز، ليسهم فى انتقـال باريس سان جيرمان إلى الدور ربع النهائى، علمًا بأنها المرة الثانية فقط التي يتمكن فيها النادى الباريسي من قلب هزيمته ذهابًا إلى انتصار، وتأهل بعد ان فعلها على حساب برشلونه فى الدور ربع النهائى لنسخة العام الماضي.