يعيش الأرجنتيني دييغو سيميوني مدير فني أتلتيكو مدريد فترة قاسية بصحبة فريقه، بعد توديع مسـابقـات كـأس ملك إسبانيا إثر الخسارة مقابل برشلونه بهدف نظيف أحرزه فيران توريس فى إياب نصف النهائى، علمًا ان الفريقين تعادلا فى الذهاب داخل معقل النادى الكتالوني بأربعة اهداف لمثلها.
وبات مدير فني “الروخي بلانكوس” فى موقف صعب لا يُحسد عليه، بفعل توالي إخفاقاته مع النادى رغم الآمال والطموحات الكبيرة فى كل موسم، وهي المعاناة التي باتت تتكرر فى كل موسم تقريبًا، بطريقة تعيد إلى الأذهان أسطورة سيزيف.
خسارة قاسية حولت موسم أتلتيكو مدريد من حلم تاريخي إلى كابوس حقيقي أثناء شهر واحد فقط، حيث بات الآن يبتعد بفارق 9 نقاط كاملة عن صـداره الدورى الإسباني، بعد ان كان فى لحظة ما متربعًا على القمة ومتفوقًا على العملاقين ريال مدريد وبرشلونة، يُضاف إلى ذلك توديع مسـابقـات دورى أبطال أوروبا من دور الستة عشر بعد الخسارة مقابل العملاق الملكي بركلات الجزاء.
نتائج مخيبة بدأت منذ الرابع من مارس الماضي، بعد الخسارة مقابل ريال مدريد بهدفين مقابل هـدف وحيد فى ذهاب ثمن النهائى من المسابقه الأوروبية الشهيرة، وامتدت للخسارة مقابل خيتافي وبرشلونة ثم التعادل مع إسبانيول فى الدورى الإسباني، وانتهاءً بتوديع كـأس ملك إسبانيا ودوري أبطال أوروبا وتقلص الحظوظ إلى حد الانعدام فى الليغا، ما يجعل النادى على أعتاب الخروج بموسم صفري.
موسم قد يتسبب فى انتهاء حقبة دييغو سيميوني بصحبة أتلتيكو مدريد، بعد أكثر من 14 عامًا على تولي القيادة الفنية للنادي الإسباني، تربع فيها على عرش أعلى المدربين حصولًا على الأجور السنوية، بينما اقتصرت إنجازاته على لقبين فى الدورى الإسباني، وآخرين فى الدورى الأوروبي، إلى جانب لقبين فى السوبر الأوروبي، ولقب يتيم فى كل من كـأس ملك إسبانيا والسوبر الإسباني.
ذنب سيميوني وصخرة سيزيف!
يعد سيزيف من الشخصيات الأسطورية التي اشتهرت بالشر، بعد ان اعتاد قطع الطريق على المسافرين وقتلهم، لينتهي به الأمر محاطًا بعذابٍ أبدي، بعد ان حُكم عليه بحمل صخرة ثقيلة مدى الحياة، وفي كل مرة يحاول دفعها نحو قمه جبل شاهق، ويوشك ان يقترب من تحقيق ذلك، تتدحرج الصخرة إلى الوادي، ليبدأ بمحاولة التأهل بها إلى القمة من حديث.
هذه المعاناة المتكررة تعيد إلى الأذهان ما يتكرر مع سيميوني فى كل موسم؛ إذ يحاول التأهل بأتلتيكو إلى القمة وكانت محاولاته تبوء غالبًا بالفشل، كما حدث فى إخفاقات النادى الاخيرة أوروبيًا ومحليًا.
حسب الأسطورة، كانت معاناة سيزيف هي العقوبة التي استحقها بسـبـب أعماله الشريرة، لكن جرم سيميوني الوحيد هو وجوده فى مـسابقـه مستمرة مع العملاقين برشلونه وريال مدريد، والتي كلفته أثمانًا باهظة على المستويين المحلي والقاري؛ إذ كلما كان قريبًا من حصد الالقاب الهامة، خرج أحد الناديين الملكي أو الكتالوني لخطف الالقاب منه، ليجد المدرب الأرجنتيني نفسه مجبرًا على البدء من حديث، ولعل أبرز مثال على ذلك خسارة نهائي دورى أبطال أوروبا مرتين على يد ريال مدريد، والإخفاقات المتكررة مقابل البلوغرانا والميرينغي.
وبعد بداية قوية فى مختلف المنافسات، انهار موسم “التشولو” وأتلتيكو بشكل دراماتيكي، وخلال آخر 6 لقاءات، اكتفى أتلتيكو مدريد بتحقيق انتصار وحيد، مع ارتكاب أخطـاء فادحة كانت كافية بالقضاء على موسم النادى، وسط انخفاض ملحوظ فى مستوى اللاعبــين، مما يهدد مستقبل دييغو سيميوني ويثير الشكوك بشأن مدى قدرته على الاستمرار أكثر وإعادة المحاولة مجددًا كما هو الأمر فى أسطورة سيزيف.
فى النهاية، يبقى السؤال الأكثر حضورًا، هل ما زال دييغو سيميوني هو الرجل الأنسب لقيادة مشروع أتلتيكو مدريد المستقبلي؟ أم ان النادى الإسباني بحاجة إلى تغيير جذري فى رأس القيادة الفنية، مقابل حصول “التشولو” على وظيفة جديدة بعيدًا عن لعنة ريال مدريد وبرشلونة؟ وصخرة أتلتيكو الثقيلة التي ينتهي بها المطاف بالسقوط، ليعيد تذكيرنا دائمًا بصخرة سيزيف.