تعجز جماهير بايرن ميونخ الألماني عن نسيان تلك الحقبة قصيرة الأجل التي عاشتها قبل سنـوات ماضية بصحبة هانز فليك مدير فني برشلونه الحالي، والتي حظي خلالها العملاق البافاري بلحظات لا تنسى بعد حصده السداسية التاريخية.
فى الثالث من نوفمبر للعام 2019، اعلن بايرن ميونخ تعاقده مع هانز فليك مدرباً مؤقتاً لكن النتائج المثيرة للإعجاب منحته فرصة الحصول على الوظيفة بصورة نهائية، ليبدأ منذ ذلك التوقيت كتابة سطور لا يمكن تجاهلها فى تاريخ العملاق البافاري.
سرعان ما بدأ هانز فليك اكتساح الخصوم بفضل طريقة اللعب الهجومي الذي اعتمد عليه المدرب البالغ من العمر (60) عامًا، وهو أمر ينسجم مع تطلعات النادى وفلسفته القائمة على تسجيـل أكبر عدد ممكن من الأهداف دون رحمة فى مرمي المنافسين.
على طريقة بيب غوارديولا
يعتقد الكثيرون ان هانز فليك هو أحد ابناء مدرسة بيب غوارديولا القائمة على “التيكي تاكا” وهو افضل من قام بتنفيذها على أرض الواقع بعد الفيلسوف الإسباني، وقد ثبت ذلك فى أرقامه مع العملاق البافاري الذي خاض تحت قيادته (86) مواجهه عبر مختلف المسابقات، حصل الفــوز فى (70) مباراه منها، وتعادل فى (8) ماتشات مع الخسارة فى (8) ماتشات أخرى.
الضغط العالي والدفاع المتقدم والاستحواذ على الكره، كلها ملامح لا تنسى فى طريقة لعب هانز فليك، فى تكرار مثير لتجربة غوارديولا مع الانديه التي قام بتدريبها، أما المفارقة فتكمن فى قيام الرجلين بالإشراف الفنى على برشلونه وبايرن ميونخ عبر فترات متباينة.
هانز فليك.. عام ونصف من التاريـخ
أثناء عام ونصف من قيادة بايرن ميونخ، حصل فليك ما عجز عنه أساطير التدريب فى القلعة البافارية، فأعاد لقب دورى أبطال أوروبا إلى أحضان العملاق الألماني بعد 7 أعوام من الغياب عن خزائنه، وهي واحدة من 6 بطولات أحرزها فى موسم واحد، عبر سداسية كرر خلالها إنجاز برشلونه التاريخي.
لم يقتصر الأمر على حصد الالقاب، فقد كان بايرن ميونخ يغرد فى ذلك الوقت وحيدًا عبر قوته داخل أرضية ارضية الملعب، ليتحول إلى كابوس حقيقي يلاحق الجميع، فكان برشلونه أبرز ضحاياه بعد السقوط فى ليلة أوروبية لا تنسى 8-2، وبحضور الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، علمًا ان هذا الفــوز لا يبدو الأكبر فى سجلات هانز فليك مع العملاق البافاري، والذي سبق له الانتصار على شالكه 8-0 فى الدورى الألماني.
فك ارتباط صادم
اعتاد بايرن ميونخ على الاستقرار الفنى والإداري وفق ما تنص عليه المدرسة الألمانية التي تتحفظ مقابل فكرة تغيير المدربين باستمرار، لكن إنجازات فليك لم تكن كافية لمنحه مقعدًا تدريبيًا مع العملاق البافاري لسنوات طويلة، ليرحل عن منصبه فى الثلاثين من يونيو للعام 2021، فى فك ارتباط غريب لا يمكن تفسيره.
المبرر الوحيد هو صراع خلف الكواليس جمع المدرب الألماني بإدارة بايرن ميونخ، والتي تُعرف بتدخلاتها المستمرة وتحفظها الشديد على إنفاق الأموال من أجل إبرام الأنتقالات الكبرى، وهو ما يؤكده الخلاف العلني بين فليك وحسن صالح حميديتش المدير الرياضي فى تلك الحقبة، ليشعر المدرب الألماني أنه لم يحظَ بالتقدير الكافي رغم تلقيه عرضًا للتجديد حتى عام 2023، وينتهي الأمر بإعلانه الرحيل من أجل بدء تجربة جديدة مع المنتخـب الألماني.
هل يندم بايرن ميونخ على رحيل فليك؟
منذ رحيل هانز فليك عن تـدريــب بايرن ميونخ منتصف عام 2021، تعاقب على تـدريــب العملاق البافاري 3 مدربين آخرين هم جوليان ناغلسمان، توماس توخيل، يُضاف إليهما البلجيكي فينسنت كومباني المدرب الحالي للكتيبة البافارية.
أثناء هذه الحقبة التي تقترب من سنواتها الأربعة، اكتفى بايرن ميونخ بحصد 3 بطولات محلية، مع عجز واضح فى التأهل إلى منصات التتويج الأوروبية، علمًا ان جميع هذه الالقاب الثلاثة جاءت فى حقبة ناغلسمان.
ولا يقتصر الأمر على العجز فى حصد الالقاب، بل فقد النادى البافاري منذ رحيل هانز فليك هيبته المحلية والأوروبية، الأمر الذي منح باير ليفركوزن وتشابي ألونسو فرصة حصد لقب الدورى الألماني للمرة الأولى فى تاريخهم، وصولًا إلى سقوط النادى فى هزائم غير متوقعة على صعيد مسـابقـات دورى أبطال أوروبا.
فى الختام، كما نجح فليك فى تفجير قدرات العديد من نجوم برشلونه هذا العام، أبرزهم رافينيا وروبرت ليفاندوفسكي، بدا ان بريق بعض لاعــبي بايرن ميونخ الذين عملوا تحت قيادته فى انخفاض متواصل، وهو ما يؤكده اقتراب ليروي ساني من الرحيل بصورة مجانية فى ميركاتو الصيف المقبل، الأمر الذي يدفع الكثيرين للتساؤل. ماذا لو واصل فليك عمله مع بايرن ميونخ لسنوات طويلة؟
