مريم رجوي: تحية لمصدّق الكبير الزعيم الفقيد للحركة الوطنية الإيرانية
كتب-مصطفي عمارة
كما قال مسعود رجوي : “في النضال والمقاومة من أجل حرية إيران واستقلالها وتحقيق الخلاص والحرية في أعلى مستوياتهما، لا يمكن أن يمضي يوم دون ذكر الدكتور محمد مصدّق، منذ أن بدأنا النضال ضد ديكتاتورية الشاه وضد ساواك الشاه والمحكمة العسكرية مستمدين القوة باسمه وقلنا “نحن أبناء مصدق”.
“حتى يومنا هذا، ونحن في نضالنا ضد نظام خميني المعادي لإيران مستوحون من كنز خبراته وتعاليمه وخصائله الحميدة.”
انخرط مصدق الكبير في النضال في عهد الثورة الدستورية. في ظل حكم الاستبداد الصغير، نفاه محمد علي شاه إلى أوروبا. في الوقت الذي كان فيه حكام إيران غير ملمين تمامًا بموضوع النفط ومصالح إيران في هذا المجال.
درس مصدق قضية النفط بأكملها في غاية العناية والاهتمام واكتسب وعيًا عميقًا بالمنافع والمصالح الوطنية لبلدنا في صناعة النفط. إلا أن تخصصه الأعلى كان في عدم الاستسلام والتضحية من أجل تحرير الأمة الإيرانية من نير التبعية والتخلف والاستبداد. وصحيح القول إنه كان زبدة الثورة الدستورية، وتبلورت فيه مُثل الشهداء وأبطال الدستور المضرجين بدمائهم.
معارضة “التنمر”
كان مصدق أول شخصية سياسية عارضت انقلاب رضا خان وسيد ضياء. في الدورة الخامسة للبرلمان، عارض حكم رضا شاه. هو نفسه كتب أنه قبل بدء الاجتماع، أراد كل من حسين علاء ومؤتمن الملك ومشير الدولة ومصطفى الممالك تجنب الذهاب إلى البرلمان وكانوا مترددين. “أنا قلت لهم: يعطون للمدفعي أجورا عشر سنوات ليطلق المدفع في يوم الحاجة.
نواب البرلمان ملزمون أيضًا بالدفاع عن الدستور. “(وإلا) … هو نفس المدفعي الذي لم يؤد واجبه”. (نقلا عن خطب ومكتوبات الدكتور مصدق، ملحق جلسة تغيير الحكم – ص2)
عندما كانوا يحاولون من خلال الجمعية التأسيسية المزيفة والترهيب والتهديد تنصيب رضا خان ملكًا، صرخ مصدق في البرلمان الخامس: “إذا كان شخص ما في البرلمان هو الملك ورئيس الوزراء والحاكم في الوقت نفسه؛ إذا كان الأمر كذلك، فهذه رجعية محضة ومجرد استبداد؛ إذن لماذا سفكتم دماء شهداء الحرية؟ لماذا جعلتم أرواح أبناء الشعب عرضة للقتل؟
وكان عليكم أن تفصحوا عن كذبكم من أول يوم وتقولون لم نكن نريد ثورة الدستور ولا الحرية. إنها أمة جاهلة ويجب تأديبها بالعصا والهراوة”.
عندما حدّد رضا شاه طريقًا للسكك الحديدية على طول البلاد لم يكن ذلك من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولكن في خدمة الأهداف الاستعمارية؛ عارضه مصدق بشجاعة. وفي وقت لاحق، كتب الشاه المخلوع في هذا الصدد: “أتذكر أن (مصدق) صرح بجرأة ذات يوم في حضوري أن أبي خان الشعب في هذا الأمر.
عندما سألته عن السبب، قال:” بنى والدي خط السكة الحديد الوطني فقط لإرضاء البريطانيين، الذين أرادوا الهجوم على روسيا”. (محمد رضا بهلوي، مهمتي من أجل وطني، الفصل الثالث1962)
عاد مصدق، الذي كان في المنفى والسجن لسنوات عديدة في عهد رضا شاه، إلى طهران بعد سبتمبر 1941وسط ترحاب شعبي واسع النطاق، وعلى مدى الاثني عشر عامًا التالية كان قائدًا حقيقيًا للمجتمع الإيراني.
في المجلس الرابع عشر، أرسى عقيدة التوازن السلبي، وهو أمر لم يسبق له مثيل في تاريخ إيران وفي تاريخ الأمم الشرقية، وكما قال هو نفسه: “في السياسة الداخلية، يتم إرساء مبادئ الدستورية والحرية. وفي السياسة الخارجية يتم اتباع سياسة التوازن السلبي”. (مهدي آذر “ذكريات التعاون مع الدكتور مصدق” مجلة علم وصنعت السنة السادسة العدد35 – اكتوبر 1984)
في عام 1950، عندما أصبح رزم آرا رئيسًا للوزراء، قال في مقابلة مع مصدق له: “ما تدلون من تصريحات لا يصبح وجبة عشاء للناس وردّ عليه مصدق: قد تعطي السلطة الغاشمة خبزا للناس ليلة أو عدة سنوات، ولكن طالما لا يتمكن الناس أنفسهم من التدخل في الشؤون الاجتماعية، فلن يحصلوا أبدًا على الخبز وسيضطرون دائمًا إلى النوم دون عشاء …”
خادم المجتمع
عندما أصبح مصدق رئيسا للوزراء، زار سجن طهران المركزي في اليوم الأول وليس في اليوم التالي، وقد تأثر برؤية مئات السجناء السياسيين هناك، ثم في إشارة إلى السجن، قال لأعضاء البرلمان في جلسة برلمانية: “عليكم أن تخجلوا حقًا”.
كان يقول إنه “لا متعة يمكن أن تكون مساوية لحرية الرأي والتعبير” (رسالة الدكتور مصدق للشعب الإيراني- صحيفة كيهان 24 أبريل1952). لذلك، بعد انتخابه كرئيس للحكومة، أصدر هذا الأمر لشرطة الدولة كلها: “في الصحافة الإيرانية، ما كتب عني شخصيًا، مهما كتبوا وأي كان، لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاعتراض عليه. …” (رسالة الدكتور مصدق للشعب الإيراني صحيفة كيهان 2 مايو 1951) ».
وقال “وزن الناس في المجتمع هو نفس القدر من الخدمة والمشقة التي يقدمونها للمجتمع”. (مناقشات مجلس الشورى الوطني، الجلسة 185 في 9 سبتمبر1951 – الصحيفة الرسمية للبلاد)
القومية التقدمية الأصيلة
في ذلك الوقت، كان مصدق يواجه عداوة أعظم الحكومات الأجنبية، والمؤامرات من قبل بلاط الشاه والعصابات التابعة له، ومعارضة ملالي على شاكلة خميني، والعراقيل اليومية من قبل الخونة في حزب توده، وضعف بعض المقربين منه.
مع كل هذا، تمكن بصموده منفردا أن يتحمل عبء مهمة عظيمة وإيصالها إلى مقصدها. وكان يقنع في خطبه أغلبية البرلمان، التي عارضته، بالموافقة والتوقيع على مقترحاته الخاصة، وعزل رؤساء الوزراء التابعين، وعزل بلاط الشاه، ووضع القوى الاستعمارية في زاوية، وكان يثير الجماهير إلى درجة الغليان.
في الواقع، لقد جمع بين السياسة في أحد أعلى أشكالها بعدم الاستسلام في قضية مصالح الأمة وبين القومية التقدمية الأصيلة.
إننا وجدنا التقدير الحقيقي للزعيم الراحل للحركة الوطنية الإيرانية الدكتور مصدق في الكفاح الدؤوب لإسقاط نظام ولاية الفقيه وتحقيق الحرية والديمقراطية في إيران