نيمار “الكبير”.. خلق “العداوات” ليرى ابنه كـ”عميل”
كانت الحياة صعبة على نيمار “الأب” وزوجته نادين فى موغي داس كروزيز، وهي ضاحية فى ساو باولو، حيث لم يتمكنا من تحمل تكاليف الفحص بالموجات فوق الصوتية قبل ولادة نيمار جونيور.
غالبا ما كان على الأسرة ان تعيش بدون كهرباء وأن تعيش على ضوء الشموع فى منزل العائلة الصغير، وفي مرحلة ما، لم يكن لدى الأسرة أي خيار سوى الانتقال إلى منزل أجداد نيمار، حيث تقاسموا المعيشة سويا.
كان نيمار سانتوس الكبير لاعبا مغمورا فى الدرجات الدنيا بالبرازيل، وعندما ولد ابنه، كان نيمار الأب يلعــب سنواته الاخيرة فى موغي داس كروزيز، وهي ضاحية صناعية مترامية الأطراف فى المناطق الخارجية لساو باولو.
حلم نيمار الأب بأن يكون نجم كرة قدم، إلا أنه اضطر إلى تعليق حذائه بعد حادث سيارة فى أوائل الثلاثينات من عمره وبسبب الإصابات لتنتهي مسيرته التي لم تتجاوز مرحلة الدوريات الدنيا.
قام الأب بنقل أحلامه الرياضية إلى ابنه، متمنيا ألا يكون نيمار مثله فى نهاية المطاف، وقال فى مقابلة تلفزيونية: لم أملك أي شيء من كرة القــدم قبل نيمار، سوى قطعة أرض صغيرة فى برايا غراندي، وهي مدينة ساحلية خارج ساو باولو.
وأضاف: لم تكن كرة القــدم جيدة بالنسبة لي، لم أكن سعيدا، لقد تركتها دون جمع أي فلس.
ليضع كل شيء فى مكانه بشكل صحيح حتى يصبح نيمار جونيور أحد افضل اللاعبــين فى العالم، شرع الأب فى السيطرة على الحياة المهنية والتجارية لابنه بالكامل، وعندما يتعلق الأمر ببناء مهنة ابنه، كان نيمار الأب قويا ويفرط فى حماية ابنه، حتى انه اعتاد على الدخول فى اشتباكات مع المشجعين الذين ينتقدون ابنه اثناء ماتشات المراحل السنية.
لم يكن الأب خائفا أبدا من تكوين الأعداء وحرق الجسور لضمان بقاء النجم الذي انتقل إلى الهلال السعودي سعيدا.
فى البداية اعتاد نجم منتخـب البرازيل على اداره حياته من قبل والده وفاغنر ريبيرو ، قبل ان يتولى والده كل شيء بمفرده بعد ان حكــم على وكيله السابق ريبيرو بالسجن لمدة 5 سنـوات بتهمة التهرب الضريبي.
أما بالنسبة لويس ألافرو دي أوليفيرا ريبيرو، كان معروفا بأنه رجل مبتهج، مليء بالحماس، وطوال فترة رئاسته لسانتوس، كان يضحك دائما ومنفتحا تجاه وسائل الإعلام والصحافيين، وشخصية جذابة، كان فخورا بشكل حصري بالعلاقة التي أقامها مع نيمار وعائلته.
ومع ذلك، عندما غادر نيمار سانتوس إلى برشلونه، حصل النادى البرازيلي على 17.1 مليون يورو فقط من صفقة تم الكشف عنها فى النهاية بأنها كلفت 86.2 مليون يورو، وحصل نيمار على 40 مليون يورو عندما انتقل إلى النادى الكاتالوني فى 2013.
حينها انتهى إعجاب رئيس سانتوس بعائلة نيمار، وتوفي فى أغسطس 2016 بسـبـب مرض السرطان، بعد اكتئاب شديد منعه من مغادرة مسكنه.
وقبل أسابيع قليلة من وفاته، اعتبر ما حدث من عائلة نيمار خيانة تجاه النادى، وكتب رسالة باللغتين البرتغالية والإسبانية يدين فيها سلوك والد نيمار أثناء المحادثات مع برشلونه.
ولم يكن لويس ألفارو العدو الوحيد الذي صنعه والد نيمار أثناء العقد الماضي، حيث هناك تشكيلة طويلة أمثال ديلسير سوندا، رجل الأعمال البرازيلي الذي كان يمتلك جزءا من الحقوق الاقتصاديه لنيمار، والذي زعم أنه خدع من قبل والد موهبة البرازيل، ما دفعه إلى مقاضاة نيمار الأب.
وتشمل القائمة أيضا إدواردو موسى، اليد اليمنى لوالد نيمار، والرجل الذي حصل على ما يقرب من 700 ألف يورو فى تسوية بعد وصل دعوى قضائية ضد الأسرة، إضافة إلى ماركوس مالاكياس، وكيل كرة القــدم الذي ساعد فى التوسط فى أول صفقة لنيمار مع برشلونه، وبعد ذلك اختلف مع والده.
ولطالما تحدث الثلاثة بشكل إيجابي عن نيمار، ولكن ليس لديهم شيء إيجابي واحد ليقولوه عن والده.
أثناء معظم مسيرته الاحترافية، حصل نيمار العديد من النجاحات، قبل ان ينتقل بصورة مفاجئة إلى باريس سان جيرمان، الذي كسر عقد اللاعب مقابل 222 مليون يورو، كأكبر صفقة فى تاريخ اللعبة الشعبية الأولى.
مر نيمار بفترة تذبذب وعانى من الإصابات، ووجه الكثيرون أصابع الاتهام إلى نيمار الأب، الذي اتهم بعدم ترك المهاجم يكبر ويتحمل مسؤولية شؤونه الخاصة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل الانتقادات التي وجهت إلى الأب وأسلوب إدارته، إلا أنه يحافظ على علاقته الرائعة مع ابنه.
لخصت صحيفة “فولها دي ساو باولو” ما يحدث بـ “يبدو الأمر كما لو ان نيمار الأب يحقق أحلامه الكروية من أثناء ابنه”.
يقول هنريك ماركيز، مراسل “يو أو إل” البرازيلية فى باريس: نيمار الأب كان مسؤولا عن حياة ابنه المهنية منذ ان كان طفلا، فى المرة الأولى التي تحدثت معه كان عمر نيمار 14 عاما، اتصلت بوالده ومنحه الهاتف، فى ذلك الوقت، كان نيمار لا يزال طفلا، ولكن ما زال يتعامل والده بذات الأسلوب.
وأضاف: طلبات مقابلة نيمار يجب ان ترصد إلى والده، إنه يتحكم فى أصدقائه ويعطي رأيه فى علاقاته.
من أول الأشياء التي يقوم بها نيمار عندما يدخل غرفة الملابس بعد المباراه، مسك هاتفه بحثا عن رسائل من والده، ويلعب الأب دور أكبر محفز لنيمار، ويلعب أيضا دور الناقد الرئيسي.
وأوضح ماركيز: لطالما كان والده يخشى ان يستغل الآخرون ابنه، لقد لاحظ موهبة نيمار فى سن مبكرة للغاية، بصفته لاعــب كرة قدم لاحق، رأى تلك الإمكانات الهائلة، وفجأة بدأ يسمع الناس يتحدثون عن ابنه، كان يدرك ان عالم كرة القــدم سيكون قاسيا، لذلك أحاط نفسه بقليل من الناس وصنع العديد من الأعداء، كانت استراتيجية تدور حول المال، وتشكيل حاشية متماسكة، مع توليه زمام كل شيء.
ويواصل ماركيز: على الرغم من سمعته، فإن أي شخص يتحدث إليه عن اداره الرياضة، سيصاب بالذهول من مقدار المعرفة التي اكتسبها، لقد أحاط نفسه بأفضل المحترفين، واستمع إليهم، وشاهدهم، ولديه الآن القدرة على التحكم فى علامة تجارية مثل علامة نيمار.
يقضي نيمار الأب معظم وقته فى البرازيل، وقد أشار أكثر من مرة إلى ان يعامل ابنه كـ “عميل”، الأمر الذي أثار الدهشة، بعدما قــال فى مقابلة سابقة: أنا أعامل ابني كعمل تجاري، نيمار هو ابني، ولكن منذ اللحظة التي يغادر فيها المنزل، يصبح عملي.
وكشفت تقــارير برازيلية ان 85% من أرباح إعلانات نيمار تذهب إلى الشركة التي يرأسها والده ووالدته نادين غونزالفيش، والتي انفصلت عن نيمار الأب فى 2016، ولا تزال أسباب انتهاء علاقتهما غير معروفة، لكنهما قاما بالإشراف على تربية نيمار معا وبذل كل ما فى وسعهما لجعله أحد افضل اللاعبــين فى العالم.
فى المبنى المكون من أربعة طوابق فى سانتوس، يناقش مستقبل ابنه نيمار. يقول دييغو غارسيا، مراسل برازيلي شهير: نيمار الأب كان شخصية خجولة ومنطوية فى أيام لعبه، لكن الآن أصبح مليونيرا ورجل أعمال قويا، يعتبر مفاوضا شرسا، ولا يزال نيمار يسمح لوالده بحمايته كما لو كان طفلا، لانه يحبه ويعشقه، وفوق كل شيء يثق به بشكل أعمى.
وعن علاقته بابنه، ذكر الوالد فى مقابلة: لقد كبر ليعرف ما هو الأفضل بالنسبة له، سواء أكان الاستمرار فى الاستماع إلى نصيحتي أم لا، إنه ليس مرتبطا بنظام قمعي.
وكشف نيمار جونيور عن علاقته بوالده: كان بجانبي منذ ان كنت صغيرا، إنه يعتني بالأشياء وأموالي وعائلتي، هو المسؤول، إنه الرئيس، يراقبني ويتابع أدق تفاصيلي.