ترتيب مناسك الحج 2024
فيما يلي شرح لأعمال ومناسك الحج، مع بيان حكم كل منسك؛ فمنها ما هو ركن، ومنها ما هو واجب، ومنها ما هو مسنون. وتوضيح ذلك على النحو الآتي:
الإحرام
هو أن ينوي الحاج الدخول في نسك الحج بقلبه، مستحضرًا النية لذلك. وسمي بالإحرام لأن الحاج بمجرد الدخول فيه يحرم عليه أمور كانت محللة له. وقد اختلف الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام، بين من قال باستحبابها ومن قال بفرضيتها، والمشهور عند جمهور العلماء هو القول باستحبابها.
فيما يتعلق بالميقات الزماني للحج، يمكن للحاج أن يحرم في أشهر الحج وهي: شوال، ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. أما أعمال الحج فتكون في الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.
أما الميقات المكاني للإحرام، فهي بحسب بلد الحاج كما يلي:
– ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة.
– ميقات أهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.
– ميقات أهل اليمن: السعدية.
**طواف القدوم**
طواف القدوم هو سنّة من سنن الحج حسب قول الجمهور، ويعرف أيضًا بطواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التحية، لأنه شُرع للقادم من غير مكة المكرمة. يبدأ طواف القدوم عند دخول الحاج إلى مكة المكرمة، وذلك لتحية البيت العتيق، وآخر وقته يكون عند الوقوف بعرفة حسب جمهور الفقهاء. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ أوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به حين قَدِمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ توضَّأَ، ثمَّ طافَ” .
**السعي في الحج**
السعي هو ركن من أركان الحج، وفقًا لأقوال المذاهب الفقهية المختلفة، حيث يُعتبر ركنًا في المذهب المالكي والشافعي والحنبلي، بينما ذهب المذهب الحنفي إلى أن السعي سُنة. يُعتبر السعي شرطًا لاكتمال الحج، وذلك من خلال إتمام سبعة أشواط بين الصفا والمروة.
تتميز صفة السعي ببدء الحاج بالارتقاء إلى الصفا، حيث يتوجه إلى الصفا مستقبلًا الكعبة، ويقوم بترديد التكبير وتوحيد الله. ثم يتجه إلى المروة بالمشي المعتاد، وعند وصوله إلى المروة يسرع قليلاً حتى يمر بين العمودين الأخضرين. ويتكرر هذا الإجراء سبع مرات حتى اكتمال السبعة أشواط.
يبدأ وقت السعي يوم النحر بعد طواف الزيارة، حيث أن السعي واجب، بينما يعتبر طواف القدوم سُنة، وبالتالي لا يمكن أن يكون الواجب تَبعًا للسنة.
يوم التروية
هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ويستحب للحجاج أن يغادروا مكة المكرمة إلى منى في هذا اليوم. يُقام في منى خمس صلوات، وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويُصلي بها الحجاج باتفاق الأئمة الأربعة. يُبيت الحجاج في منى ليلة عرفة، ثم يتجهون من منى إلى عرفات سيرًا على الأقدام بعد طلوع شمس يوم عرفة. يعتبر هذا السير سنة عند الجمهور.
هو ركن من أركان الحج، لا يتم الحج إلا به، وهذا متفق عليه بين الأئمة الأربعة، وقد ثبتت ركنيته بالسنة والإجماع. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل يوم عرفة قائلاً: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء”.
للوقوف بعرفة شرطان متفق عليهما، وهما:
1. **الوقت:** يوافق الوقوف يوم التاسع من ذي الحجة وليلة العاشر منه إلى طلوع الفجر. فمن فاته يوم عرفة أو تأخر عنه فقد فاته الحج. وقد اتفق العلماء على أن طلوع فجر يوم النحر هو وقت انتهاء الوقوف بعرفة. وتختلف الآراء حول أول وقت للوقوف بعرفة كالتالي:
– المذهب الحنفي والشافعي: زوال شمس يوم عرفة.
– المذهب المالكي: بداية الليل.
– المذهب الحنبلي: طلوع فجر يوم عرفة.
2. **المكان:** يكون الوقوف في أرض عرفات.
سنن الوقوف في يوم عرفة
من السنن المستحبة في يوم عرفة:
1. **الاغتسال:** يستحب للحاج الاغتسال في يوم عرفة، وقد روى عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: “يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر”.
2. **خطبة عرفة:** تكون بعد الزوال، وتتألف من خطبتين يفصل بينهما جلسة خفيفة.
3. **الجمع بين الصلاتين:** يجتمع الحاج بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر.
4. **التعجيل في الوقوف:** يُستحب للحاج تعجيل المسير إلى موقف عرفة بعد جمع صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر.
5. **الإفاضة بعد الغروب:** عندما تغرب الشمس في يوم عرفة، يُستحب للحاج والإمام الإفاضة والمغادرة، ومن وجد فرجة في المشي فليسرع فيها.
6. **الإكثار من أعمال الخير:** يستحب للحاج أن يُكثر من العبادات والأذكار وقراءة القرآن والدعاء في يوم عرفة.
المزدلفة
حد مزدلفة يقع ما بين مواقع عرفة ومنى، والمأزم هو الطريق المحصور بين الجبلين، وهو مكان ضيق يقع بالقرب من مزدلفة، حيث يكون الطريق محصورًا بين الجبلين متوسطًا بين منى وعرفة. وأثناء مسير الحجاج إلى مزدلفة، يجب أن يتحلوا بالسكينة والوقار، ويسرعون إذا وجدوا فرصة للتقدم.
أما فيما يتعلق بتأدية صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة، فقد اتفق الجمهور على جواز تأخيرهما لأدائهما في مزدلفة. وبخصوص كيفية حدوث المبيت في مزدلفة، فهناك رأيان:
1. إذا ترك الحاج المبيت في مزدلفة، فحجه صحيح، ولكنه ملزم بدم – أي ذبح الهدي – نظير ترك المبيت.
2. إذا وصل الحاج إلى مزدلفة في النصف الثاني من الليل وأقام فيها، فإن قلت مدة إقامته أو زادت، فإنه يحصل المبيت.
رمي جمرة العقبة
رمي جمرة العقبة المعروفة أيضًا بالجمرة الكبرى تقع في آخر منى باتجاه مكة المكرمة، وقد اتفق الفقهاء على أن رمي الجمرات من الواجبات الأساسية في مناسك الحج. تجري عملية الرمي في مواقع محددة خصيصًا لذلك، وتقوم الحجاج برمي الجمرات من كافة الاتجاهات.
وفي حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع بمنى وكان الناس يسألونه، فجاء رجل وقال: “لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟” فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اذبح ولا حرج”، ثم جاء رجل آخر وقال: “لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟” فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ارم ولا حرج”.
عدد الحصى التي يجب رميها سبع حصيات، ويكبر الحاج مع كل حصاة يرميها. وأما طريقة الرمي، فيكون بمسّ الحجارة بطرفي إبهام اليد المختومة والسبابة، ثم يرفع الحجر ويقذفه ويكبر. وصيغة التكبير تكون بأي صيغة مطلقة، ومن الصيغ المقترحة: “بِسْمِ الله والله أَكْبَرُ، رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَرِضًا لِلرَّحْمَنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا”.
ذبح الهدي
ذبح الهدي يمكن أن يكون إما هدياً تطوعاً، أو هدياً تمتعاً أو قرباناً، أو لتعويض نقصان ما. يختلف وقت ذبح الهدي حسب الغرض منه:
1. **هدي التطوع:**
– المذهب الحنفي: يُسمح بذبحه قبل يوم النحر، ولكن الأفضل ذبحه في أيام النحر.
– المذهب المالكي والحنبلي: يتم الذبح خلال أيام النحر الثلاثة.
– المذهب الشافعي: يمكن الذبح في يوم النحر وأيام التشريق.
2. **هدي التمتع والقربان:**
– المذهب الحنفي، والحنبلي، والمالكي: يُفضل الذبح خلال أيام النحر الثلاثة.
– المذهب الشافعي: لا يُحدد وقت معين للذبح، فهو جائز بعد الإحرام في حج القران والتمتع.
التحلل من الاحرام
عملية التحلل من الإحرام تعني الخروج من حالة الإحرام، وتنقسم إلى قسمين:
1. **التحلل الأصغر:**
– المذهب الشافعي والحنبلي: يتم برمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير. بهذا التحلل يحل للحاج كل شيء سوى النساء.
– المذهب الحنفي: يتم برمي الجمرة، والحلق، والتقصير. وبهذا يحل للحاج كل شيء عدا النساء.
2. **التحلل الأكبر:**
– المذهب الحنفي والمالكي: يبدأ وقت التحلل عند طلوع فجر يوم النحر، ويحصل بعد أفعال محددة مثل طواف الإفاضة بشرط الحلق أو التقصير.
– المذهب الشافعي والحنبلي: يبدأ في منتصف ليلة النحر، ويتم بأفعال معينة مثل رمي جمرة العقبة، والحلق، وطواف الإفاضة المسبوق بالسعي.
طواف الافاضة
طواف الإفاضة، المعروف أيضًا بطواف الزيارة، هو ركن من أركان الحج باتفاق المذاهب الأربعة. وتتعلق الآراء الفقهية بوقت طواف الإفاضة وشروطه على النحو التالي:
**أوقات طواف الإفاضة:**
– المذهب الحنفي: من فجر يوم النحر بعد الوقوف بعرفة إلى آخر العمر.
– المذهب المالكي: من يوم عيد الأضحى إلى آخر شهر ذو الحجة.
– المذهب الشافعي: بعد منتصف ليلة النحر، والأفضل أن يكون يوم النحر، ولا آخر لوقته.
– المذهب الحنبلي: يبدأ من نصف ليلة عيد النحر بالنسبة لمن وقف بعرفة، ولا نهاية لوقته.
**شروط طواف الإفاضة:**
– المذهب الحنفي: الطواف داخل المسجد، وبدايته من طلوع شمس يوم النحر.
– المذهب المالكي: سبعة أشواط، الطهارة من الحدث والخبث، ستر العورة، وجعل الكعبة على اليسار.
– المذهب الشافعي: ستر العورة، الطهارة من الحدث والخبث، بدء الطواف من الحجر الأسود، وجعل البيت على اليسار.
– المذهب الحنبلي: النية، دخول الوقت، ستر العورة، الطهارة من الحدث والخبث، سبعة أشواط، بداية الطواف من الحجر الأسود، والطواف في المسجد.
رمي الجمرات
رمي الجمرات يعد من الواجبات الحجية، ومن يتركها يتحمل دية، وتتكون الجمرات الثلاث من:
1. الجمرة الأولى: تقع بعد مسجد الخيف في منى، وتُرمى بسبع حصيات متعاقبة.
2. الجمرة الثانية: بعد الجمرة الأولى وقبل جمرة العقبة، وتُرمى بسبع حصيات مع التكبير مع كل حصاة.
3. الجمرة الثالثة: وتعرف بجمرة العقبة، تُرمى بسبع حصيات، ويتم التكبير مع كل حصاة.
وقت رمي الجمرات يكون في أيام التشريق بعد الزوال، ويُفضل أن يتم قبل الغروب. وتختلف الآراء حول آخر وقت للرمي، حيث ينتهي رمي كل يوم بطلوع فجر اليوم التالي وفقًا للإمام أبي حنيفة، وينتهي بغروب شمس اليوم نفسه وفقًا للإمام مالك، وينتهي في آخر أيام التشريق وفقًا للشافعية والحنابلة.
طواف الوداع
طواف الوداع يُعرف أيضًا بطواف الصدر أو طواف آخر العهد، ويأخذ هذا الاسم لأن الحاج يقوم به قبل أن يودّع البيت الحرام في ختام رحلته الحجية. يتفق الفقهاء على أنه واجب، ويأتي بعد إتمام الحاج لجميع مناسك الحج. وقته يكون بعد طواف الزيارة، ويُجزئ عنه أي طواف يُؤديه الحاج بعد ذلك. من شروطه أن يكون الحاج من أهل الآفاق، ويكون طاهرًا من الحيض والنفاس.
تُمثل أعمال الحج الكاملة – التي تتنوع بين الأركان والواجبات – رحلة تبدأ بالإحرام، ثم السعي، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ثم رمي جمرة العقبة، وتحليل الإحرام، وطواف الإفاضة، ورمي الجمرات، ثم طواف الوداع.
حكم من اخل بترتيب مناسك الحج
من يخالف ترتيب مناسك الحج يُعتبر أخلّ بأحكامها، فلا يُجوز للحاج تغيير ترتيبها. دليل على ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من أدرَكَ معَنا هذهِ الصَّلاةَ وأتى عرفاتَ قبلَ ذلِكَ ليلًا أو نَهارًا فقد تمَّ حجُّهُ وقَضى تَفثَهُ”، الذي يُظهر ترتيب أعمال الحج وعدم جواز تقديم أو تأخير جزء منها على الآخر. فعلى سبيل المثال، إذا قام الحاج بتقديم المبيت في مزدلفة على الوقوف بعرفة، فلا يصح منه ذلك.
أما بالنسبة لترتيب أعمال يوم النحر، فقد تختلف آراء الفقهاء في حكم ترتيبها. البعض يرون وجوب الترتيب بين أعماله، بينما لا يرى آخرون ذلك. وتختلف أقوال المذاهب في هذا الشأن على النحو التالي:
– المذهب الحنفي: يوجب تقديم الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم الطواف.
– المذهب المالكي: يُجَبّ تقديم الرمي على الحلق والطواف.
– المذهب الشافعي والحنابلة: لا يُجَبّون الترتيب بين أعمال يوم النحر.
إذاً، يجب على الحاج القيام بمناسك الحج بالترتيب المذكور، وقد اختلفت آراء الفقهاء في ترتيب مناسك الحج، حيث قدّم البعض الرمي على الحلق والطواف، والبعض الآخر قدم الرمي على الذبح والحلق، وهناك من لم يرو وجوب ترتيب أعمال يوم النحر.