بينما يفخر الإنجليز بأنهم مهد كرة القــدم وبأنهم يمتلكون الدورى الأقوى فى العالم، فإن البرازيليين يؤمنون بأن بلادهم ودوريهم هو مصنع النجوم الذين يصدر أهم وأبرز المواهب على مر السنين، لكن الفـترة الحالية تشهد هجرة عكسية، بعودة نجوم لامعين، يتقدمهم نيمار جونيور الذي سينضم إلى فريق طفولته سانتوس.
ولا من بين كرة القــدم فى البرازيل مجرد رياضة بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والهوية الوطنية، وبينما يميل الآباء فى معظم أنحاء لعالم إلى تشجيع أبنائهم على اختيار مهن تقليدية مثل الطب والهندسة وغيرها لما تحمله من قيمة اجتماعية واستقرار مادي، فإن هناك تقديرًا حصريًا لمهنة كرة القــدم فى البرازيل على نحو يعكس الشغف العميق لهذه اللعبة فى البلاد والتي تسهم بنسبة جيدة فى الدخل القومي بطرق عدة كالسياحة والإعلانات والرعاية والبث التليفزيوني.
ويشهد العام الجديد لكرة القــدم البرازيلية الذي ينطلق فى مارس/آذار المقبل، حدثًا استثنائيًا يتمثل بعودة العديد من نجوم اللعبة الذين نثروا سحرهم فى أوروبا والعالم أثناء العقد الأخير، الأمر الذي سيضفي روحًا تنافسية جديدة على البطولة التي تسيطر أنديتها على البطولة القاري (كوبا ليبرتادوريس) فى السنوات الخمسة الاخيرة.
نيمار يتصدر تشكيلة النجوم العائدين
لعل أبرز النجوم الذين سيترقب البرازيليون عودته هو نيمار جونيور، صاحب الرقم القياسي فى عدد الأهداف مع السيليساو بـ79 هـدفًا، الذي أنهى عقده بالتراضي مع فريقه الهلال السعودي للعودة إلى سانتوس العائد إلى دورى الدرجة الأولى بعد موسم عاش فيه فى الظل ضمن الدرجة الثانية التي هبط إليها لأول مرة فى تاريخه قبل موسم واحد.
وكان نيمار البالغ من العمر 32 عامًا قد لعب لفريق سانتوس ما بين عامي 2009 و2013، حيث سجّل 107 اهداف فى 177 مباراه، قبل ان ينتقل إلى برشلونه، حيث برز إلى العالمية وشكل ثلاثية ممتازة إلى جانب الأرجنتيني ميسي والأوروغواياني لويس سواريز، ولعب دورًا بارزًا فى حصول البارسا على خماسية الالقاب فى عام 2015 ومن ضمنها لقب دورى أبطال أوروبا للمرة الخامسه والأخيرة فى تاريخ النادى الكتالوني، قبل ان يقرر الانتقال إلى باريس سان جيرمان فى الصفقة الأغلى فى التاريـخ التي بلغت قيمتها 222 مليون يورو، حيث لعب لستة مواسم حصل خلالها 13 لقبًا وقاد النادى إلى نهائي دورى الأبطال لأول مرة فى تاريخه فى موسم 2019-2020.
لكن تجربته التالية فى الملاعب السعوديه لم يكتب لها النجاح بسـبـب تعدد إصاباته التي جعلته يشترك فى سبع ماتشات فقط على مدار موسمين سجّل خلالها هـدفًا واحدًا فقط، وليقرر قبل عدة أيام العودة إلى ناديه الأم (سانتوس) بعد 12 عامًا.
هجرة عكسية
إلى جانب نيمار جونيور، يشهد العام الجديد للدوري البرازيلي عودة عدد آخر من النجوم مثل فيليبي كوتينيو الذي سيدافع عن ألوان فريق فاسكو دي غاما، وهو النادى الذي تدرج فى صفوفه وصولاً إلى النادى الاول عام 2008 قبل ان ينتقل إلى إنتر الإيطالي، حيث بدأ مسيرته الاحترافية فى الملاعب الأوروبية التي تضمنت اللعب لليفربول الانجليزي ومن ثم برشلونه الإسباني (الذي دفع 135 مليون يورو للحصول على خدماته فى شتاء العام 2018)، قبل ان يتحول إلى بايرن ميونخ ويتوج معه بالثلاثية التاريخية فى موسم 2019-2020، لتبدأ مسيرته بعد ذلك بالانحدار فلعب معارًا لأستون فيلا ونادي الدحيل القطري فى الموسمين الأخيرين.
وعلى غرار كوتينيو فإن النجم أوسكار (33 عامًا) الذي كان يعتبر أحد أبرز المواهب التي أنتجتها الملاعب البرازيلية فى العقد الأخير، سيعود إلى ناديه الأسبق ساو باولو الذي بزغ نجمه فيه قبل ان ينتقل إلى إنترناسيونال البرازيلي، حيث لفت أنظار مسؤولي فريق تشيلسى الانجليزي الذي انتقل له مقابل 32 مليون يورو، قبل ان يتحول بشكل مفاجئ إلى الدورى الصيني من بوابة فريق شنغهاي بورت فى صفقة بلغت قيمته 60 مليون يورو عام 2017، حيث حصل لقب بطوله الدورى ثلاث مرات آخرها فى العام المنصرم.
ولن يكون أوسكار اللاعب الوحيد الذي سيستقطبه فريق ساو باولو من ضمن النجوم العائدين، إذ سيكون إلى جانبه لوكاس مورا (32 عامًا) الذي تألق لعامين مع النادى الاول فى بداية مسيرته قبل ان يمضي عشرة أعوام فى الملاعب الأوروبية مناصفة بين باريس سان جيرمان وتوتنهام الانجليزي.
أما فريق فلامنغو فقد نجح فى استقطاب المدافع دانيلو الذي أنهى مسيرته بالتراضي مع ناديه يوفنتوس الإيطالي مؤخرًا، وتميز دانيلو بقدرته على اللعب فى عدة مراكز كظهير أيمن وقلب دفاع ولاعب خط وسط مع الانديه الكبيرة التي ارتدى قميصها فى أوروبا مثل بورتو، وريال مدريد ومانشستر سيتي حصل معها 16 لقبًا من بينها لقب دورى الأبطال مرتين ولقب كـأس أندية العالم مرة واحدة مع النادى الملكي.
أما أبرز النجوم الآخرين الذين عادوا فى الأعوام الثلاثة الاخيرة فهم: أليكس ساندرو (فلامنغو) هالك (أتلتيكو مينييرو) ويليان (باهيا) فيرنندو (إنترناسيونال) تياغو سيلفا وغانسو (فلومينيزي) دافيد لويز (فورتاليزا) أليكس تيليس وآلان (بوتافوغو).
متعة إضافية وفائدة كبيرة
يرى المحللون والخبراء ان عودة العديد من نجوم اللعبة فى البرازيل إلى موطنهم، على غرار نيمار يبدو أمرًا منطقيًا فى ظل القيود الكبيرة التي باتت تفرضها الانديه الأوروبية على تجديد عقود لاعبيها الذين تتجاوز أعمارهم الثلاثين.
ويعتقدون بأن هذه العودة ستشكل متعة إضافية لبطولة الدورى المحلي وتضمن المزيد من الفوائد الرياضية والاقتصادية للأندية البرازيلية، خاصة ان العام الحالي سيشهد مشاركة أربعة أندية برازيلية فى النسخـه الأولى من بطوله مونديال الانديه الذي سيقام فى شهر يونيو/حزيران المقبل فى الولايات المتحدة وهي أندية: بالميراس، فلامنغو، فلومينيسي، وبوتافوغو، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على قدرتها التنافسية فى البطولة فى مواجهه عمالقة الكره الأوروبية.