شماعة الإخوان
مصطفى عمارة
منذ ريعان شبابي حددت توجهاتي التي تحكم فكري وتوجهاتي وفق ثلاثة معايير وهي بالترتيب الإسلام ثم العروبة ثم الوطن وكنت ولا زلت أؤمن أنه لا يوجد تناقض بين تلك التوجهات وأولوياتها فالإسلام هو الإطار الذي يجب أن بنطوي تحته العروبة والوطن والعروبة لها خصوصية في الإسلام لأن الإسلام نزل بالعربية وعلى نبي عربي وعلى أرض عربية وبدون الإسلام لن يتوحد العرب كما قال الله عزوجل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، فأي حبل آخر غير الإسلام لا يمكن أن يوحد الأمة أو المجتمعات أو حتى الأسرة ، وقبل ظهور الإسلام كان العرب قبائل يغير بعضها على بعض ويتم وأد البنات حتى جاء الإسلام فانضوى العرب تحت رأيته وتمكنوا من فتح مشارق الأرض ومغاربها ولم يكن إيماني بأن الإسلام هو الإطار الذي ينضوي تحته العروبة والوطن أن ينحصر الإسلام في جماعة معينة أو حزب معين لأن الإسلام دين شامل جاء للبشرية كلها وليس حكرا على جماعة معينة تمثل الإسلام كما قال رسولنا الكريم لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، ومن هذا المنطلق فلقد رفضت ولا زلت أرفض الإنضمام لجماعة أو أي تيار إسلامي لان الإسلام ليس حكرا على أحد كما أن تلك الجماعات والتيارات ترفع شعارات ومبادئ إسلامية رغم إننا نتفق مع اغلبيتها أو كلها للوصول إلى السلطة وهو الأمر الذي ارفضه ولعل هذا هو الخطأ الكبير الذي ارتكبه الإخوان عندما جاءتهم أكثر من فرصة للمشاركة في العمل السياسي حتى أنتهي بهم الأمر في غيابات السجون لأنهم دخلوا في صراع غير متكافئ بين سلطة حاكمة تملك القوة المسلحة وتسيطر على وسائل الإعلام ورغم فشل تجربة الإخوان في العمل السياسي إلا إنني في نفس الوقت أرفض تحميلهم كل الاخفاقات التي تمر بها لأن هذا يعطي الإخوان أكبر من قوتهم أو تأثيرهم الحقيقي في المجتمع حتى عندما فاز الإخوان بعدد كبير من المقاعد في الإنتخابات البرلمانية التي أجريت في عهد مبارك أو في الإنتخابات الرئاسية عقب ثورة يناير لم يكن ذلك ليعكس قوة الإخوان أو سيطرتهم على المجتمع بقدر ما كان نكاية في النظام الحاكم ولعل أكبر دليل على ذلك أن النظام الحاكم استطاع اقصائهم عقب ثورة 30 يونيو وهو ما يشير إلى أن الإخوان لم يكونوا مسيطرين على المجتمع وإلا لانتفض الشارع لاعادتهم إلى السلطة مرة أخرى ولكن للأسف فإن كثير من القطاعات تحاول استغلال شماعة الإخوان لتبرير فشلها وهذا استخفاف بعقلية المجتمع حتى وصل الأمر إلى إتهام طبيب الابراشي باغتياله بدعوى انه من جماعة الإخوان وتحميل وزير النقل الإخوان مسئولية الحوادث التي جرت في قطاع النقل بل أصبحت شماعة الإخوان وسيلة لتصفية الحسابات بين الأفراد حتى أصبحت تلك الشماعة سيف مسلط على رقاب الأفراد في محاولة وجود خلاف في الرأي بين فرد وآخر أو فصيل وآخر بل لا أبالغ إن قلت أن تحميل الإخوان مسئولية الإخفاقات أصبح أمر يثير سخرية المجتمع بل وأدت إلى نتائج عكسية وعندما أعلن الرئيس السيسي عن توجهه لإقامة جمهورية جديدة فإن تلك الجمهورية يجب أن تقوم على تكاتف المجتمع بكل فصائله بعيدا عن سياسة الإقصاء والتخوين وتصفية الحسابات وعلى مجتمع قائم على الحب والتسامح وليس الحقد والكراهية لأن المؤامرات التي تحاك ضدنا تتطلب تكاتفنا جميعا رغم الاختلاف في الفكر والتوجهات وهذا الأمر يتطلب فتح صفحة جديدة يشارك فيها الجميع إلا من حمل السلاح أو مارس العنف فهذا خط أحمر نرفضه جميعا وبالحب والتسامح نستطيع أن نبني مجتمعنا الجديد أما سياسة الحقد والكراهية ومحاولة إقصاء الآخر فلن تبني مجتمع بل ستزرع الحقد والكراهية ليس بين أبناء المجتمع بل داخل الأسرة نفسها .